كم مرّة سمعتم الجملة التالية: "لا أستطيع فهم هذه المادّة. لا يمكن أن أنجح في الامتحان"؟
لدى الانتقال من المدرسة الابتدائية إلى الإعدادية يرتفع مستوى الدراسة ومعه يزيد الضغط من الدراسة والامتحانات.
في حين لا يزال هناك أولاد يواجهون بنجاح الضغط المصاحب للامتحان المدرسيّ، فلدى الآخرين يثير ذلك حالة من الخوف الشديد.
ما هو الخوف من الامتحانات؟
تعرّض المدرسة الطلاب لمواجهات مختلفة ومتنوّعة، من واجب تحضير الفروض البيتية حتى القيام بالمَهَمّات وتلبية الجداول الزمنية، لكن يبدو أنّ الضغط الأساسيّ بالنسبة إليهم ينعكس من خلال إجراءات اختباهم وتقييمهم. يُطلب من الطالب – خلال الاختبار – أن يعرض معارفه في مجال الدراسة، وذلك من خلال وضعه في منافسة مع زملائه في الصف، أو من خلال مقارنته بهم. في حالات معيّنة يعرّض الامتحان الطالب لوضع يكون فيه لنجاحه في الامتحان أو عدم نجاحه فيه تأثير على مواصلة طريقه.
الخوف من الامتحانات هو، إذًا، ردّ فعل شعوريّ يختبر فيه الإنسان مشاعر جسمانيّة ونفسانيّة من الضغط في حالات الامتحان والتقييم، حيث هي وضعيّات يجب عليه أن يثبت فيها لنفسه وللآخرين معارفه وقدراته. يجدر التأكيد على أنّه غالبًا ما يجري الحديث عن عارض مركّز لحالة معيّنة، ولا يجري الحديث عن مشكلة حسّيّة عميقة أكثر. كما أنّه من المهمّ أن ندرك أنّ الخوف من الامتحانات يمكن أن يظهر لدى الطلاب الممتازين، الذين يتوقّعون من أنفسهم نتائج عالية ويخافون من الفشل، كما، أيضًا، لدى الطلاب الذين يواجهون صعوبات ويشعرون بأنّهم غير قادرين على النجاح.
كيف نلاحظ أنّ الولد لديه خوف من الامتحانات؟
يمكن تقسيم أعراض الخوف من الامتحانات إلى أربعة أنواع:
- أعراض جسمانية – من بينها أعراض من قبيل تسارع نبضات القلب، حالات الدوخة، فرط تصبّب العرق، رجفان اليدين أو الجسم كلّه، الشحوب، الإغماء، أوجاع الرأس، أوجاع البطن، وما إلى ذلك.
- أعراض شعورية – من بينها أعراض من قبيل التأثّر، التوتر النفسيّ، الخوف، خيبة الأمل، الغضب، الإحباط، الاكتئاب، قلّة الحيلة، وما إلى ذلك.
- أعراض عقلية – من بينها أعراض من قبيل قلّة التركيز، النسيان، الميل إلى المماطلة، الامتناع، الارتباك، عدم فهم التعليمات، وما إلى ذلك.
- أعراض سلوكية – من بينها أعراض من قبيل فرط الدراسة أو – في المقابل – إهمال الدراسة، انعدام الهدوء الحركيّ والاهتياج، قلّة النوم، وما إلى ذلك.
كيف سنعرف ممَّ ينبع الخوف من الامتحانات لدى الولد؟
كيما نستطيع فهم كيفية مساعدة ابننا على مواجهة الخوف، يجب أن ندرك مصدر الخوف. يمكن أن تكون للخوف من الامتحانات عوامل مختلفة، وأحيانًا يجري الحديث عن مزيج لبعض منها. يمكن تقسيم العوامل إلى عوامل متعلقة بالحالة وعوامل متعلقة بالشخصية.
العوامل المتعلقة بالحالة – تتطرّق، غالبًا، إلى الامتحان نفسه. حيث إنّ مصدر الخوف – في هذه الحالة – سيكون عدم الاستعداد للامتحان، عدم فهم مادّة الدراسة في موضوع معيّن، فرط تقييم أهمّية الامتحان، انعدام الملاءمة بين المادّة المدروسة وأسئلة الامتحان، انعدام الوضوح بالنسبة إلى مادّة الامتحان، قلّة الوقت في أثناء الامتحان، شروطًا هي ليست الأفضل للدراسة، وغيرها.
قد تكون هذه العوامل عينيّة وقد تؤثّر – بالتالي – على وجود الخوف وعلى حدّته.
العوامل المتعلقة بالشخصية – في مقابل ذلك، تتطرّق إلى طبع الولد وشخصيته. هكذا، مثلًا، سنجد أنّ الخوف نابع من صورة ذاتية متدنّية، خوف من الفشل، خوف من عدم الإيفاء بتوقّعات الوالدين والمعلمين، فرط التنافسية والكمالية، التشاؤم، الميل إلى الخوف، الدخول في دائرة الفشل، وغيرها.
هذه العوامل مبنيّة، عمليًّا، على أساس صفات الولد، سواء أكان الحديث عن صفات خَلقية أم صفات مكتسبة.
ماذا يجب أن نفعل لمساعدة ابننا على مواجهة الخوف من الامتحانات؟
- ساعدوه على تطوير عادات دراسة صحيحة وناجعة. اِحرصوا معه على جدول يوميّ ثابت للدراسة في محيط هادئ ومنظم. علّموه تخطيط وقت الدراسة والتحضير للامتحان مسبّقًا، وليس في اللحظة الأخيرة.
- تأكّدوا معه من أنّ تفاصيل الامتحان معروفة له وأنّ مادّة الامتحان موجودة لديه.
- ساعدوه على الدراسة للامتحان، لكن – مع ذلك – مكّنوه من التعامل مع الدراسة بقواه الذاتية، وذلك لتعزيز إحساسه بأنّه قادر على أداء المَهمّة بنجاح.
- اِختبروا معه إستراتيجية الدراسة الأفضل بالنسبة إليه؛ مثلًا، هل من خلال حفظه المادّة غيبًا أم من خلال تلخيصها خطّيًّا؟
- في سنّ المراهقة يصبح التواصل مع الولد، أحيانًا، أكثر تعقيدًا، ولذلك حافظوا على صبركم وعلى خصوصية الولد. أبدوا حساسية واحترامًا لمشاعره، لكن حافظوا على التناسب وعلى محيطه الشخصيّ للعمل. حاولوا أن تكونوا منصتين ووفّروا له الدعم والتفهّم في الفترات الصعبة.
- أبدوا يقظة للمشاكل الخاصّة بالدراسة أو الصعوبة التي يواجهها الولد في فهم المادّة المدروسة. اِستوضحوا أسباب الصعوبات وافحصوا الحاجة إلى مرافقة عنصر مساعد.
- اِحرصوا معه على التغذية الصحيحة والنوم الكافي، وخصوصًا في الأيام السابقة للامتحان.
- جِدوا معه فعّاليّة مهدّئة ليست دراسية، سواء أكانت هذه فعّاليّة رياضية، الاستماع إلى الموسيقى، أو لعبة حاسوب، يمكن أن تحرّره من الأفكار الضاغطة عن الامتحان.
- علّموا الولد أن يفكّر بصورة إيجابية، أن يؤمن بقدرته على النجاح في الامتحان. ذكّروه وتذكّروا معه نجاحاته السابقة.
- اِحرصوا على تعزيز استقلاليته وإدراكه المسؤولية، وامدحوه على أدائه الجيّد وليس على نتائج أدائه. أكّدوا أنّ الأهمّيّة تكمن في أنّه حاول وبذل جهد طاقته، وأنّه هو من سيقرّر ما إذا كان راضيًا عن النتيجة أم لا. يُفضّل فحص رأي الولد بالنسبة إلى عملية الدراسة التي قام بها والتوصّل، معه، إلى استنتاجات، لاحقًا.
- شجّعوا الولد على ألّا يقرّر لنفسه معايير عالية أكثر من اللازم، لا يمكنه تلبيتها. أوضحوا له أنّه حتى إذا لم ينجح فلن تكون هذه مصيبة، وأنّه ليس هناك امتحان مصيريّ.
تذكّروا أنّه في حال لم تنجحوا في مساعدة الولد على مواجهة الخوف بقواه الذاتية، فمن المجدي جدًّا التوجّه إلى مستشارات المدرسة لمساعدتكم.
كُتب بالتعاون مع خدمة الرعاية النفسية الاستشارية.